لماذا يعد النوم مهما جدا لانقاص الوزن؟

تعد السمنة شبحا يطارد جميع الاشخاص حول العالم، وهى عائق وحاجز صلب يحول دون الوصول الى جسم رائع لطالما نحلم به، وبالاضافة الى ذلك فانها تسبب العديد من الامراض وتجعل المرء اقل حيوية وثقة فى النفس.

عندما نتحدث عن فقدان الوزن ، فإن او ما يخطر ببالنا هو ممارسة الرياضة واتباع حمية غذائية مناسبة ، وبالفعل هما العاملان الرئيسيان لانقاص الوزن ولكن هناك عوامل اخرى لا تؤخذ فى الحسبان ، ولكن تأثيراتها فى تحقيق ما نرجوه فى انقاص الوزن كبيرة جدا.

احد هذه العوامل المهمة هو النوم ، وبالرغم من انه نمط حياة متكرر الا انه يتم تجاهله ، ان مدة النوم الموصى بها للبالغين هى من سبع إلى تسع ساعات في الليلة، ولكن هل نلتزم بها حقا؟!

لقد اظهرت الابحاث ان النوم اقل من المدة الموصى بها يرتبط ارتباطا كبيرا مع زيادة الوزن مما يؤدى الى خطر الاصابة بالسمنة، وايضا يؤثر على كمية الدهون المفقودة عند اتباع نظام غذائى ذو سعرات حرارية محددة (دايت).

عادة ما يكون الهدف من انقاص الوزن واتباع النظام الغذائى هو تقليل وخسارة الدهون مع المحافظة على اكبر قدر ممكن من الكتلة العضلية ، ولكن عدم الحصول على القدر الكافى من النوم ، من شأنه ان يحد من مقدار الدهون المفقودة اثناء الدايت وكذلك كتلة العضلات التى تحتفظ بها.

وجدت احدى الدراسات أن النوم 5.5 ساعة كل ليلة على مدار أسبوعين اثناء اتباع حمية غذائية ذات سعرات حرارية محددة ادى الى فقدان دهون اقل مقارنة بالنوم 8.5 ساعة، ولكنه ايضا ادى الى فقدان اكبر لكتلة العضلات.

وفى دراسة اخرى اجريت لمدة 8 اسابيع بحيث ينخفض النوم ساعة واحدة فقط كل ليلة لمدة خمس ليالٍ من الأسبوع، كانت النتائج مماثلة تماما ان النوم القليل يؤثر سلبا على انقاص الوزن والاحتفاظ بالكتلة العضلية ، وحتى كثرة النوم فى يوم العطلة قد لا يكون كافياً لعكس الآثار السلبية للحرمان طوال ايام الاسبوع.

ولكن، لماذا يعد النوم مهما جدا لانقاص الوزن؟ وما هى الاسباب وراء ذلك؟

هناك عدة أسباب لارتباط النوم القصير بزيادة وزن الجسم والتأثير على فقدان الدهون، وتشمل هذه الاسباب التغييرات في كلا من التمثيل الغذائي والشهية واختيار الطعام.

اولا: الشهية 

يؤثر النوم على نوعين من هرمونات الشهية المهمة في أجسامنا - وهما اللبتين والجريلين، ان هرمون اللبتين هو الهرمون الذى يقلل الشهية ، لذلك عندما تكون مستويات اللبتين عالية فاننا نشعرعادة بالشبع، ومن ناحية أخرى ، فإن هرمون الجريلين هو الهرمون الذى يحفز الشهية وغالبًا ما يشار إليه باسم "هرمون الجوع" لأنه الهرمون المسؤول عن الشعور بالجوع.

وجدت إحدى الدراسات أن قلة النوم تزيد من مستويات هرمون الجريلين وتقلل من هرمون اللبتين، ووجدت دراسة أخرى ، شملت عينة من 1024 بالغًا ، أن النوم القصير مرتبط بمستويات أعلى من الجريلين وانخفاض مستويات الليبتين، ان هذا من شأنه أن يزيد من شهيتنا، مما يجعل التقييد بالسعرات الحرارية أكثر صعوبة ، وقد يجعلنا أكثر عرضة للإفراط في تناول الطعام، وبالتالي ، فإن زيادة تناول الطعام بسبب التغيرات في هرمونات الشهية فى النهاية ستؤدي إلى زيادة الوزن. 

وهذا يعني أن الحرمان من النوم على المدى الطويل قد يؤدي إلى زيادة الوزن بسبب هذه التغيرات في الشهية، لذا يجب علينا الحرص وإعطاء الأولوية للحصول على قسط جيد من النوم ليلاً.

ثانيا: اختيار الطعام 

إلى جانب التغيرات في هرمونات الشهية ، تبين أيضًا أن قلة النوم تؤثر على اختيار الطعام والطريقة التي ينظر بها الدماغ إلى الطعام. 

ففى دراسة اجراها الباحثون على مجموعتين من البالغين لمدة ست ليالٍ بحيث تنام احداهما اربع ساعات فقط والاخرى تسع ساعات، وجدوا ان مناطق الدماغ المسؤولة عن المكافأة ــ وهى مجموعة من الهياكل العصبية المسؤولة عن الحوافز اى الدافع والرغبة فى مكافئة الذات ــ تكون أكثر نشاطًا استجابةً للطعام بعد النوم القليل للافراد الذين ناموا اربع ساعات مقارنة بالأشخاص الذين ناموا تسع ساعات وحصلوا على نوم جيد.

قد يفسر هذا سبب تناول الأشخاص المحرومين من النوم وجبات خفيفة في كثير من الأحيان وميلهم إلى اختيار الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والوجبات الخفيفة ذات المذاق الحلو، وتناول المزيد من الأطعمة غير الصحية خلال النهار، مقارنة بأولئك الذين يحصلون على قسط كافٍ من النوم.

ثالثا: التمثيل الغذائي

تؤثر مدة النوم أيضًا على عملية التمثيل الغذائي ، وخاصة استقلاب الجلوكوز (السكر). 

فعندما نأكل الطعام ، تفرز أجسامنا الأنسولين ، وهو هرمون يساعد على معالجة الجلوكوز في الدم، ولكن، يمكن أن تضعف قلة النوم استجابة أجسامنا للأنسولين ، مما يقلل من قدرتها على امتصاص الجلوكوز، نعم، قد نكون قادرين على التعافي من قلة النوم الليلية العرضية  ولكن على المدى الطويل قد يؤدي ذلك إلى حالات صحية مثل السمنة ومرض السكري من النوع 2.

لقد اظهر بحثنا ان النوم القليل(اربع ساعات) لليلة واحدة كافى لإضعاف استجابة الأنسولين لمعالجة الجلوكوز لدى الشباب الأصحاء، وبالنظر إلى أن الأشخاص المحرومين من النوم يميلون بالفعل إلى اختيار الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الجلوكوز بسبب زيادة الشهية وسلوك البحث عن المكافآت، فإن ضعف القدرة على معالجة الجلوكوز يمكن أن تجعل الأمور تجرى على نحو أسوأ.

لان الفائض من الجلوكوز الذى ينتج من زيادة المدخول ومن انخفاض القدرة على الامتصاص يتحول الى أحماض دهنية ويتم تخزينها على شكل دهون، وعلى المدى الطويل،  يؤدي هذا التراكم من الدهون إلى زيادة الوزن.

اهمية الرياضة

ان ممارسة الرياضة لها تأثير إيجابي على الشهية ،فهى تعمل على تقليل مستويات هرمون الجريلين وزيادة مستويات الببتيد YY ، وهو هرمون يتم إطلاقه من القناة الهضمية، ويرتبط بالشعور بالرضا والشبع.

وبعد ممارسة التمارين الرياضية، يميل الناس غالبا إلى الإقلال من الطعام، وخاصة عندما تؤخذ في الاعتبار الطاقة التي تستهلكها التدريبات، ولكن ، من غير المعروف هل هذا يحدث ايضا فى سياق النوم القليل ام لا؟.

لقد أظهرت الأبحاث أيضًا أن التمارين الرياضية يمكنها ان تحمي من ضعف التمثيل الغذائي الناتج عن قلة النوم ، من خلال تحسين استجابة الجسم للأنسولين ، مما يؤدي إلى تحسين التحكم في الجلوكوز.

وفي حين أن هذا يبدو واعدًا ، إلا أن الدراسات لم تحدد بعد اثر النشاط البدني طويل المدى على الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم.

من الواضح أن النوم مهم جدا لفقدان الوزن، وان النوم القليل يزيد الشهية عن طريق تغيير الهرمونات، ويجعلنا أكثر عرضة لتناول الأطعمة غير الصحية ، ويؤثر على كيفية فقدان دهون الجسم أثناء حساب السعرات الحرارية، لذلك يجب اعتبار النوم عاملا ثالثا مهما إلى جانب النظام الغذائي والنشاط البدني كجزء من نمط حياة صحي.

المصدر

تم نشر البحث بواسطة الدكتورة إيما سويني وهى محاضرة في التغذية والتمرين والصحة 

في جامعة نوتنغهام ترنت بانجلترا على موقع The Conversation، المقال الاصلى

ترجمة وتحرير: رمضان محمد